برنامج "خط الستة"- بصمة حوارية لا تُمحى

المؤلف: أحمد الشمراني10.23.2025
برنامج "خط الستة"- بصمة حوارية لا تُمحى

...أجل، أترفّع بنفسي عن الخوض في نقاش عقيم، أشبه بالمتاهة البيزنطية، أعرف تمام المعرفة نهايته المحتومة، وأعي تمامًا حجم الخسائر التي سأتجرعها جرّاء ذلك!

...أجد متعة فائقة في تبادل الأفكار والحوارات البنّاءة، وحتى الاختلاف المثمر، مع أولئك الذين يثرون النقاش ويثمرون العقول بشتى الرؤى!

...لا شك أن لكل حقبة زمنية أدواتها ووسائلها الخاصة، ولكن الأجدر بالذكر أن الحوار القائم على العقلانية والمنطق هو المنتصر في نهاية المطاف!

...لقد حقق برنامج "خط الستة"، الذي شكّل علامة فارقة في عالم البرامج الحوارية، نجاحًا باهرًا بفضل أعضائه المتميزين، إعدادًا وتقديمًا واستضافةً، إذ كانوا يتنافسون بشراسة لإقناع جمهور متطلب، يصعب نيل ثقته إلا بالإقناع والحجة الدامغة!

...وأجزم جازمًا بأن ذلك البرنامج، الذي لا يزال وهجه يطاردنا حتى يومنا هذا، كان برنامجًا مقنعًا بحق، ليس على المستوى المحلي فحسب، بل على مستوى منطقة الخليج بأسرها، ولو لم يكن كذلك، لما تم استنساخه وتقليده في مختلف دول الخليج!

..."نحن النسخة الأصلية".. هكذا صرحت بكل فخر في حوار تلفزيوني، ممّا أثار حفيظة أحد المولعين بالجدل العقيم، فرد عليه محاورنا بكل ثقة: "هذه حقيقة لا يمكن إنكارها، فما الداعي للغضب إذن؟!"

...الغريب في الأمر أن الهلاليين، الذين لم يستسغوا برنامج "خط الستة" في بداياته، كانوا في الواقع الأكثر حرصًا على متابعته، والأكثر اعترافًا بتأثيره الكبير، ومقاطعتهم الرسمية له في ذلك الوقت لم تكن سوى محاولة يائسة لإرضاء إعلام محسوب على الهلال، شنّ هجومًا شرسًا على البرنامج بدافع الغيرة تارة، وبدافع استغرابه من الطرح الجديد والجريء الذي يقدمه البرنامج تارة أخرى، ولكننا مضينا قدمًا دون اكتراث بتلك الحملات المغرضة وتلك المقاطعة الجوفاء..!!

...على الصعيد الشخصي، لطالما دافعت بشراسة عن القضايا العادلة لنادي الهلال، تمامًا كما كنت أفعل مع جميع الأندية الأخرى، ورغم ذلك، لم أسلم من سهام الشتائم والانتقادات اللاذعة!!

...تلك المرحلة شكّلت في وقتها ظاهرة إيجابية فريدة من نوعها، حيث نقلت الحوار الرياضي إلى آفاق جديدة من عالم الإعلام وفنونه، لا سيما في ما يتعلق بنقد أي عمل بموضوعية ومهنية، دون المساس بالأشخاص أو النيل من كراماتهم..!!

...كنا نغمر بالكثير من الامتنان والتقدير عندما نجد في دول الخليج من يثني على برنامج "خط الستة" ويشيد بآرائنا ومواقفنا، مع العلم أننا لم نكن نتوقع أبدًا أن يمتد تأثير البرنامج إلى ما وراء حدود وطننا..!

...اليوم، أستعيد ذكريات "خط الستة" بعد مشاهدة مقاطع فيديو متداولة لنا، ومن خلالها اكتشفت أن هناك من ما زال يعتبر ذاك البرنامج "بصمة" لا تُمحى في تاريخ الإعلام الرياضي، مع استثناء أولئك المتزمتين الذين يرفضون الاعتراف بالحقائق....!

...أخيرًا: تدبروا مليًا في هذه المقولة القيّمة التي وجدتها في تراث عميد الأدب العربي طه حسين: ‏"إياكَ والرِّضَى عن نفسكَ فإنهُ يُوقعكَ في براثن الخمول والتقاعس، وإيَّاكَ والعجب والغرور فإنهُ يُهوي بكَ في دروب الحمق والجهل، وإيَّاكَ والتعالي فإنهُ يُظهرُ للنَّاسِ عيوبكَ ونقائصكَ كلَّها ولا يُخفيها مهما حاولت".

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة